روائع مختارة | روضة الدعاة | الدعاة.. أئمة وأعلام | الشيخ سيد سابق.. الداعية الفقيه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > الدعاة.. أئمة وأعلام > الشيخ سيد سابق.. الداعية الفقيه


  الشيخ سيد سابق.. الداعية الفقيه
     عدد مرات المشاهدة: 4033        عدد مرات الإرسال: 0

قال رسول الله: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، وإنما العلم بالتعلم، وإن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر".

 فهكذا أنجبت هذه الأمة من حمل همَّها، وهمَّ تربية أبنائها، وفهم دينها فهمًا صحيحًا، فكان درعًا واقيًا للأمة من الوقوع في الوهم والشطط البعيد عما أراده كتاب الله وسُنَّة نبيه.

 والشيخ سيد سابق -رحمه الله- نحسبه واحدًا من هؤلاء الذين اجتهدوا، فلاقى فقهه قبولًا وسط الناس جميعًا؛ لبساطته وحيويته ونجح في تقريبه إلى جماهير الأمة.

بعد أن ظل دهرًا مغلقًا على فئة المتخصصين، فاستحق بذلك أن يكون أول رائد لتقريب الفقه إلى العامة من الناس.

 المولد:

ولد فضيلة الشيخ الدكتور سيد سابق -رحمه الله- في يناير 1915م في قرية إسطنها، وهي إحدى قرى مركز الباجور التابعة لمحافظة المنوفية بمصر.

 بداية مشرقة:

وقد أتم حفظ القرآن ولم يتجاوز تسع سنوات، ثم التحق على إثره بالأزهر في القاهرة، وظل يتلقى العلم ويترقى حتى حصل على العالمية في الشريعة عام 1947م.

ثم حصل بعدها على الإجازة من الأزهر، وهي درجة علمية أعلى.

 شاب على الجادة:

تربى الشيخ سيد سابق في مقتبل حياته في الجمعية الشرعية على يد مؤسسها الشيخ السبكي رحمه الله، وتزامل مع خليفته الشيخ عبد اللطيف مشتهري رحمه الله، فتشرَّب محبة السُّنَّة.

وكان لهمَّته العالية وذكائه وصفاء سريرته أثرٌ في نضجه المبكر، وتفوقه على أقرانه، حتى برع في دراسة الفقه واستيعاب مسائله.

وما إن لمس فيه شيخه تفوقًا حتى كلفه بإعداد دروس مبسطة في الفقه وتدريسها لأقرانه، ولم يكن قد تجاوز بعدُ 19 عامًا من عمره.

وكان لشيخه أثر عظيم على شخصيته وطريقة تفكيره، ومن ذلك ما يحكيه في بداية حرب فلسطين، فيقول: وقد كنا في ريعان شبابنا أخذني الحماس أمام الشيخ السبكي في أحد دروسه.

فقلت له: ما زلتَ تحدثنا عن الأخلاق والآداب! أين الجهاد والحث عليه؟!

 قال: فأمرني الشيخ بالجلوس.

 فرددت: حتى متى نجلس؟

 قال: يا بني، إذا كنت لا تصبر على التأدب أمام العالِم، فكيف تصبر على الجهاد في سبيل الله؟!

 قال: فهزتني الكلمة جدًّا، وظل أثرها في حياتي حتى يومنا هذا.

 عمله بالأزهر:

عمل بالتدريس بعد تخرجه في المعاهد الأزهرية، ثم بالوعظ في الأزهر، ثم انتقل إلى وزارة الأوقاف في نهاية الخمسينيات متقلدًا إدارة المساجد، ثم الثقافة....

فالدعوة، فالتدريب إلى أن ضُيِّق عليه فانتقل إلى مكة المكرمة للعمل أستاذًا بجامعة الملك عبد العزيز، ثم جامعة أم القرى.

وأسند إليه فيها رئاسة قسم القضاء بكلية الشريعة، ثم رئاسة قسم الدراسات العليا، ثم عمل أستاذًا غير متفرغ.

 وقد حاضر خلال هذه الفترة ودرَّس الفقه وأصوله، وأشرف على أكثر من مائة رسالة علمية، وتخرج على يديه كوكبة من الأساتذة والعلماء.

 نشاطه الدعوي:

بايع الشيخ سيد سابق الإمام حسن البنا على العمل للإسلام ونشر الدعوة، وجمع الأمة على كلمةٍ سواء، وتفقيهها في أمور دينها.

 جهاده وسجنه:

كان مع علمه وعبادته وكثرة صومه ذا شوقٍ للجهاد، وما إن لاحت أمامه الفرصة حتى كان في أول كتيبة في حرب 1948م مفتيًا ومعلمًا للأحكام.

ومربيًا على القيام والدعاء والذكر، وموجهًا إلى حسن التوكُّل والأخذ بالأسباب، ومحرضًا على الفداء، ومدربًا على استخدام السلاح وتفكيكه.

وبعد مقتل النقراشي اتُّهِم الشيخ بقتله، وأُطلق عليه (مفتي الدماء) ممن أرادوا وأد الجهاد يومها.

وحوكم الشيخ بعد أن قضى عامين من الاضطهاد والتعذيب، فما لانت له قناة ولا وهنت له عزيمة.

بل كان كما عُهِد عنه مربيًا فاضلًا حاثًّا على الصبر، مبينًا لسنن الابتلاء والتمحيص، وبعد أن بُرِّئت ساحته خرج ليواصل جهاد الكلمة.

وحين تكررت الفرصة بعد النكسة عاد أدراجه لساحة القتال في حرب رمضان، يوجه الجنود ويرفع معنويات الجيش.

 أخلاقه وسجاياه:

كان الشيخ سيد فقيهًا مجربًا محنكًا، مثالًا للعلم الوافر والخلق الرفيع والمودة والرحمة في تعامله.

وكان عفيف اللسان، ويمتاز بذاكرة قوية وذكاء مفرط وحضور بديهة، وقد رُزق حسن المنطق في جزالة وإيجاز، وكان ذا روح مرحة، وُضعت له معها المحبة والقبول.

 وكذلك فإنه يمتاز بوعي شديد، واطلاع دائم على الأحداث والمتغيرات، فإذا ما استجدَّ أمر في الأمة عرض له، وبيَّن حكمه في غاية الوضوح والجرأة.

الشيخ سيد سابق فقيها ومفتيا:

اشتغل الشيخ سيد بالفقه أكثر من غيره من الدعاة الأزهريين؛ لأنه وجده أليق بتخصصه في كلية الشريعة.

وقد بدأت كتاباته الفقهية في مجلات أسبوعية منوعة على شكل مقالات، فبدأ بفقه الطهارة معتمدًا على كتب (فقه الحديث).

وهي الكتب التي تهتم بأحاديث الأحكام مثل كتاب (سبل السلام) للإمام الصنعاني.

وكتاب (نيل الأوطار) للشوكاني، ومستفيدًا أيضًا من كتاب (الدين الخالص) لشيخه محمود خطاب السبكي، وكتاب (المغني) لابن قدامة، وكتاب (زاد المعاد) لابن قيم الجوزية.

 منهج الشيخ سيد سابق في الفقه:

تميز منهجه بميزات جعلته قريبًا من الناس ومقبولًا لديهم، وأبرز هذه الميزات:

 1- طرح التعصب للمذاهب مع عدم تجريحها.

 2- الاستناد إلى أدلة الكتاب والسنة والإجماع.

 3- الميل إلى التيسير بعيدًا عن تعقيد المصطلحات وعمق التعليلات.

 4- الترخيص للناس فيما يقبل الترخيص؛ استنادًا لحديث "إن الله يحب أن تُؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه".

 5- البعد عن ذكر الخلاف إلا ما لا بُدَّ منه، واختيار الأرجح، أو ترك الترجيح إذا تكافأت عنده الأقوال والأدلة.

 6- التنبيه على الحِكم والفوائد من النصوص النبوية.

 اهتمامه بالفقه وعنايته به:

كتب الشيخ سيد سابق الجزء الأول من كتابه الذي سماه (فقه السنة) في أواسط الأربعينيات.

وكان في فقه الطهارة، وقد صدّره بمقدمة للإمام حسن البنا تنوِّه بمنهج السيد سابق في الكتابة، وتشيد بحسن طريقته في عرض الفقه.

وتجيد بها؛ إذ إن الفقه من أعظم القربات إلى الله في نشر الدعوة الإسلامية وبث الأحكام، حتى يكون الناس على بينة من أمرهم في عباداتهم وأعمالهم.

وليكون حافزًا لهم على الاستزادة من المعرفة والإقبال على العلم.

مكانة كتاب فقه السنة:

لقد سدَّ كتاب (فقه السنة) فراغًا في المكتبة الإسلامية في مجال الأحكام التي تؤخذ من الأحاديث مباشرة.

وفي مجال الفقه عمومًا، الفقه الذي لا يتعصب لمذهب من المذاهب؛ ولهذا لقي القبول والاستحسان من الناس.

ومما زاد الكتاب قيمة علمية تعليق العلاَّمة ناصر الدين الألباني -رحمه الله- وتحقيقه على فقه السنة تحت عنوان (تمام المنة على فقه السنة)، وهو مطبوع مند سنوات.

وقد حصل الشيخ سيد سابق -رحمه الله- على جائزة الملك فيصل في مجال الدراسات الإسلامية عام 1994م عن كتاب فقه السنة، ووسام الامتياز من مصر.

مكانة الشيخ سيد سابق وفضله:

يعرف للرجل مكانته وفضله كل من عاشره، أو تتلمذ على يديه؛ فقد تخرج على يديه ألوف العلماء وطلبة العلم من عشرات الأجيال.

ومن هؤلاء: الدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور أحمد العسال، والدكتور محمد الراوي، والدكتور عبد الستار فتح الله، وكثير من علماء مكة وأساتذتها من أمثال الدكتور صالح بن حميد، والدكتور العلياني.

 بل إنه في شبابه كان محل ثقة واستعانة علماء كبار في حينها من أمثال: الشيخ محمود شلتوت، وأبي زهرة، والغزالي.

يحكي عنه ولده محمد أنه كان يزوره في بيته علماء كبار من الأزهر، وكان يجلس للتدريس وهم مصغون مستمعون من أمثال:

الشيخ عبد الجليل عيسى، والشيخ منصور رجب، والشيخ الباقوري، كما كان قوله فصلًا بين المختلفين في المسائل.

 أهم مؤلفاته:

إضافة إلى كتابه الشهير (فقه السنة)، فقد كان للشيخ سيد سابق العديد من الكتب الإسلامية المهمة، مثل:

 1- مصادر القوة في الإسلام. 2- الربا والبديل.

 3- رسالة في الحج. 4- رسالة في الصيام.

 5- تقاليد وعادات يجب أن تزول في الأفراح والمناسبات.

 6- تقاليد وعادات يجب أن تزول في المآتم.

 7- العقائد الإسلامية. 8- إسلامنا.

 وغير ذلك من الكتب والمحاضرات والأبحاث والمقالات.

 أواخر حياته:

استقر الشيخ سيد سابق في القاهرة قبل ثلاث سنوات من وفاته، وأصرَّ على نشر العلم والدعوة في مساجدها، رغم حالته الصحية، ونصح الأطباء له بالراحة.

 وظل منارة حق وخير للناس حتى وافاه الأجل في يوم الأحد 23 ذي القعدة 1420هـ الموافق 27 فبراير 2000م عن عمر يناهز الخامسة والثمانين.

 قالوا عنه:

قال الشيخ أبو عبد الرحمن غنيم غنيم المصري: "وكان موسوعة في الفقه إلا أنه قد وقع في تأويلات الأشاعرة في كتابه العقائد الإسلامية".

 الكاتب: محمد قبيس

المصدر: موقع قصة الإسلام